آخر الأحداث والمستجدات
هل ينجح مهرجان عيساوة في إنعاش مدينة مكناس حضاريا ؟

يكثر الحديث عند هذه الأيام عن مهرجان (عيساوة مقامات وإيقاعات عالمية). حديث يطول بالتنوع واختلاف الرأي والرأي المضاد، وقد يبقى الحديث بحده ذي شجون حين ينصب عن إقصاء بعض الوجوه الفنية بالمدينة عن نسيان طيع، أو بقصد و سوء نية !!! و ينصب الحديث (العميق) عن مدى السخاء الطائي الذي قد يقدم كهبات مالية للمشاركين والمشاركات ... لا علينا، فمن حق الفنانين نيل أقساط من المال (الحلال) في ظل طغيان أزمة الفن والثقافة بالمدينة !!!
اليوم لن نستبق حدث مهرجان (عيساوة مقامات وإيقاعات عالمية)، ونرميه بحكم قيمة سلبي ونقدي، بل قد نتساءل مثل غالبية ساكنة المدينة عن هذه التخمة من الأنشطة والمهرجانات التي تمرر بالمدينة في ظل احتياجات أخرى ناشئة !!! حينها، ونحن نحصي نوعية الإضافات لهذه المدينة، قد لا نجد لها أثرا غير الترفيه والتنشيط الصيفي، وصناعة سياسة الإلهاءات الموضعية بالمسكنات الصوتية !!!
في هذه السنة الموازية لسنة الانتخابات (2026)، أشفقت علينا رئاسة جهة فاس مكناس، وساهمت بالقسط الوفير واللازم من الدعم في تنشيط المدينة !!! ومكناس لا تتوفر حتى على مسرح كبير !!! إنها المفارقة العجيبة في التخطيط والتدبير، وكذا التسيير الأعرج (الشَّكِيمةُ قَبل اللِّجَامْ). مفارقة لا تُرتب حتى أولويات المدينة التي تعيش طيعة آمنة في حرف (سين...) و(سوف) للتسويف والمماطلة المكهربة. فإلى متى ستبقى المدينة هكذا؟
يقولون: أن المدينة تعيش أياما من النقاهة السياسية ومن الأعراض المرضية المستعصية عن التطبيب، ومن (بلوكاج) مستديم المرجعيات. ويقول أنطونيو غرامشي أن :" القديم يحتضر والجديد لا يستطيع أن يولد بعد !!! وفي الأثناء أعراض مرضية كبيرة وعظيمة في تنوعها"، وكأن المقولة صنعت بمقاييس مدينة (الجن والملائكة)، فمكناس العالية أرادت أن تستعيد عافية التاريخ وتطوير أداء الحاضر.
بعيدا عن فلسفة المفكر الماركسي الإيطالي أنطونيو غرامشي والمصير المحزن الذي آلت إليه المدينة (بلوكاج التنمية لا السياسة) ، ومدى دقة تعبير (الأعراض المرضية) و(أزمة السياسة) بالمدينة، عندها نقف عند السيطرة التي باتت تتوسع من رأس هرمية الجهة (فاس) على كل الأنشطة الفنية والثقافة بالمدينة !!! وكأن مكناس تعُاني من المأزق التاريخي المزدحم (الماضي والحاضر والتنافس بين مدن الجوار)، ومن الهيمنة (التحكمية).
وما مهرجان (عيساوة مقامات وإيقاعات عالمية) إلا ذاك النموذج الذي يريد أن يصلح ما تكسر من مرآة عيوب مدينة، والتي باتت بادية للخاص والعام، وغالبا ما يتمثل الحل أولا في مرجعية نهوض المدينة: إلا عبر بوابات الدعم المركزي للدولة (المركزية) لمكناس. قد يمرر المهرجان بنفس جديد، وإيقاعات عالمية (نسخة 5)، وقد لا ينال عطف وحنان المتلقي والزائر والسائح...، مادامت مكناس لم تختر علامة حصرية لها تُسوق بكل أريحية عند مواسمها ومهرجاناتها !!!
قد نتمنى النجاح لمهرجان (عيساوة مقامات وإيقاعات عالمية)، وهذا من صلب التزامنا بأن مكناس تستحق الريادة والتفرد في الفن والثقافة والتراث المادي واللامادي نظرا لتاريخها السلطاني المجيد. ورغم هذا، تبقى ملاحظاتنا تتوسع حين نتابع تمفصلات هذا المهرجان، ومدى تخلصه من جلباب السياسي، والتحكم الجهوي...ومدى الإضافات الممكنة...
قد يكون الحل ثانيا بيد التراث التاريخي والعودة بالمدينة نحو الحاضر الذكي، حلا طبيعيا لخروج مكناس من عنق الزجاجة بالتحدي وتقليص مراتب الالتحاق بمدن الحظوة. هنا يكون رأب الصدع بين الماضي والحاضر حاضرا، وتجسير المرور نحو المستقبل آمنا، لصالح إعادة القديم مهرجان (عيساوة مقامات وإيقاعات عالمية) نحو الإحياء وإعادة التوظيف. هنا، قد نصنع التفاؤل بتجريب استخدام القوة الناعمة للمهرجانات، ومدى تفوقها عن السياسي في تسويق المدينة خير تسويق (نماذج مهرجانات ذات صيت أوسع: الصويرة/ فاس/ أكادير/ الرباط... ).
نزعة الشك من نجاح (مهرجان عيساوة مقامات وإيقاعات عالمية) تغيب عنَّا كليا، ومع هذا نُبْعد (تشاؤم العقل، ونحيي قوة تفاؤل إرادة المنظمين...). ورغم فإن الأمر أعقد من هذا وذاك (الله يدير الخير) !!! فإننا لن نركز بالتزامن مع الأزمة السياسية المزعومة بمدينة مكناس، بل نصبو إلى طرح بدائل كامنة وراء نقل المأزق التاريخي لمكناس (المدينة المنغلقة على ذاتها سياسيا واستثمارا)، نحو تجريب بدائل أخرى بصيغ متعددة، لعل وعسى تأتي المدينة انفراجات سامية في تحقيق الرؤية والرهانات الاستشرافية للتنمية العادلة.
الكاتب : | محسن الأكرمين |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2025-07-13 22:40:41 |